صناعة وإنتاج واستهلاك الموسيقي مرت على مراحل عديدة في العقود الماضية؛ بدأ مستهلكي الموسيقى بشراء الموسيقى على هيئات مختلفة من أسطوانات تقليدية ضخمة الحجم، كاسيت، الأقراص المضغوطة وصولاً إلى الملفات الصوتية الرقمية التي يتحمل تحميلها عبر الإنترنت في ثواني معدودة.
لكن، استهلاكنا للموسيقى لم يتوقف عند هيئة الملفات الصوتية الرقمية، بل انه ما زال يستمر بالتغير حتى هذا اليوم. فاليوم، بدأ يتوجه الناس إلى خدمات البث الموسيقية بعد وصولنا لمرحلة أصبحنا فيها متصلين بالإنترنت على مدار اليوم. فبدلاً من تحميل كل أغنية أو ألبوم جديد على هيئة ملفات رقمية؛ تتصل بالإنترنت، تبحث عن الأغنية التي تريدها وتضغط على تشغيل والآن تستمع لها… بهذه البساطة، بدون تحميل أو انتظار!
حاليًا، على الإنترنت، يوجد عشرات خدمات بث الموسيقى، لكن سوف أحاول ان احصر حديثي مع أشهر 3 خدمات في الوقت الراهن:
- Pandora — الأشهر على الإطلاق. فخدمة Pandora بدأت بشكل حصري في الولايات المتحدة1 قبل ما يقارب 12 عامًا وتعتبر من أوائل خدمات بث الموسيقى على الإنترنت، حيث بدأت الشركة عام 2002 ميلادي وتعتمد على المحطات الإذاعية لبث الموسيقى بشكل تلقائي، حسب ذائقتك الموسيقية.
- Spotify — هي ثاني خدمة بث موسيقى شهرة على الإنترنت، لكن بدل ان تكون مجرد محطات إذاعية، قدم Spotify مكتبة أغاني متكاملة لكل ما لذ وطب من الألبومات. تبحث عن أغنية محددة بعينها وتقوم بتشغيلها، بالطبع، بجانب وجود نمط المحطات الإذاعية بشكل مجاني مع الإعلانات.
- YouTube — يوتيوب ليس موقع لبث الموسيقى بقدر ما انه موقع وخدمة عالمية لمشاركة الفيديو، لكن يوتيوب يعتبر منافس لخدمات بث الموسيقى بشكل غير مباشر؛ خاصة مع وجود قنوات جميع شركات إنتاج الموسيقى الضخمة والتي توفر الفيديوهات الموسيقية بكامل جودتها الصوتية والصورية للكل، بالمجان.
امتلاك بعض الموسيقى أم استئجار مكتبة موسيقى متكاملة؟
قبل توافر خدمات البث الموسيقية هذه، كانت الطريقة التقليدية في استهلاك واستماع الموسيقية بسيطة: أنت تملك الوصول للأغاني التي قمت بشرائها رقمياً. تستطيع الاستماع لأي أغنية تريد داخل اي ألبوم قمت بشرائه رقمياً على تطبيق الموسيقي الافتراضي على هاتفك الذكي أو حاسبك الآلي.
ان كنت مستهلك نهم للموسيقى، هذا يعني انك تصرف ما يقارب 10$ حتى 15$ دولار على الألبوم الواحد فقط، في السنة ربما تشتري حول 10 إلى 20 ألبوم موسيقي وهذا يساوي 300$~ دولار سنوياً. بالطبع، أنت تملك هذه الألبومات للأبد.
على وجه آخر، مع Spotify، الأمر مختلف قليلاً، فعند ما تدفع 9.99$ دولار شهرياً لاشتراك Spotify Premuim فأنت تملك الوصول لأكبر مكتبة موسيقى على الإنترنت ولك كامل الحق في الاستماع لكل ما لذ وطاب من الأغاني، في فترة 30 يوم فقط. أنت هنا تستأجر الوصول لمكتبتهم الموسيقية المتكاملة، لكنك لا تملكها.
عندما تشتري عشرات الألبومات في الشهر الواحد، هنا Spotify ربما يكون حل أمثل وأوفر وأخف على محفظة نقودك ومصروفاتك الشهرية. فأنت تدفع مبلغ ألبوم واحد، مقابل شهر كامل من الاستماع لملايين الأغاني وآلاف الألبومات المتوافرة في مكتبتهم الموسيقية المحدثة بكل جديد.
اما إذا كنت لا تريد دفع اي قرش للاستماع للموسيقى ولا تهتم بشكل كبير لجودة الصوت ولست مهوساً بحد كبير لهذه الجوانب ولا تكترث في تجميع وشراء الألبومات وتخزينها بشكل محلي على أجهزتك وتستطيع تحمل وتجاهل بعض إعلانات الفيديو السخيفة، فيوتيوب ما زال خيار معقول ومجاني للاستماع للموسيقى والأغاني.
التجربة الموسيقية المثالية يجب ان تغمرك بشكل تلقائي
خياري المفضل بين خدمات بث الموسيقى الثلاث هذه، هو Pandora. أعشق فكرة وذكاء وبساطة Pandora لما يقدم لي كمستمع يومي نهم للموسيقى.
في رأيي المتواضع، بأن التجربة الموسيقية المثالية يجب ان تكون تلقائية بالكامل، بما يدخل تحت مظلة ذوقي الموسيقي، دون تدخل مني في اختيار الأغنية، الألبوم، أو حتى فئة الموسيقى التي أريد ان استمع لها.
لا أفهم الأشخاص الذين يقومون بتشغيل الأغاني بشكل مفرد؛ عندما تنتهي الأغنية التي قام بتشغيلها قبل 5 دقائق، يترك ما في يده ويقوم باختيار أغنية ثانية وهكذا مع نهاية كل أغنية ينتهي من الاستماع لها ولا أفهم الأشخاص الذين يتعنون في بناء وتنسيق وإنشاء قوائم موسيقية مرتبة لكل نشاط يقوم به بشكل يومي؛ فهذه القوائم تتطلب جهد كبير وهي محدودة على الأغاني التي قاموا بشرائها فقط وتتطلب تحديثها بين فترة وأخرى.
عبقرية Pandora تكمن في أناقته وبساطته الشديدة والبعد عن التعقيد والتركيز على غمرك بأفضل الأغاني والموسيقى التي تروق لك أنت، دون اي تدخل وجهد منك.
عندما تبدأ محطة إذاعية مثل Today’s Hits والتي تجعلك مطلع على آخر الأغاني الجديدة والأكثر استماعاً لهذا اليوم عالمياً، Pandora يعرض لك اسم الفنان، اسم الألبوم، واسم الأغنية. أسفل غلاف الألبوم يضع لك Pandora علامتين إبهام: إبهام للأعلى وتعني ان هذه الأغنية تروق لك وإبهام للأسفل وتعني ان هذه الأغنية لا تعجبك.
مع الوقت ومع تقيمك لما يقوم Pandora بتشغيله لك من أغاني، تتعرف لوغاريثميتاهم الذكية التي تم تطويرها على مدى سنوات من قبل عشرات المهندسين والمطورين على ذوقك بشكل دقيق —دقة مرعبة في بعض الأحيان!— لتصل لمرحلة من الثقة بأن الأغنية التالية التي سوف يقوم Pandora بتشغيلها لك، سوف تروق لك.
مللت من أغنية بدأت المحطة بتكرارها بشكل مستمر عليك؟ بضغطة واحدة تخبر Pandora بأن يضعها على جنب لفترة من الوقت وبالمناسبة، عندما تضغط على الإبهام الموجه للأسفل لأغنية لم تعجبك، Pandora لن يزعجك بها مرة أخرى!
تنوع المحطات المتوفرة على Pandora والتي تتواجد كتصنيفات موسيقية مثل الـRock، موسيقى حقبة الثمانينات والتسعينات أو حتى المحطات التي تعمل على تشغيل ما يناسبك مزاجك الحالي: حزين، سعيد أو في مزاج احتفالي، تجعل من Pandora أفضل تجربة موسيقية سوف تمر بها في حياتك.
Pandora هو رفيقك ومساعدك الموسيقي، قم بتشغيله واترك الاختيارات الموسيقية عليه. اما أنت، فاستمر بما تفعل من أنشطة2 دون عناء إخراج هاتفك الذكي من جيبك مرة أخرى؛ دع Pandora يفاجئك ويغمرك بما سوف —بنسبة عالية— يروق لك.
خدمة Pandora مجانية مع الإعلانات الصوتية بين كل 3 إلى 5 أغاني، مقابل 4.99$ دولار شهرياً يمكنك اشتراك Pandora One من تحسين التجربة بشكل عام وذلك بإزالة الإعلانات، رفع جودة الصوت وإعطائك حتى 6 تغيرات3 (Skips) في الساعة داخل اي محطة موسيقية تستمع لها.
- مما يعني انك يجب ان تستخدم VPN يوهم اتصال الإنترنت لديك بأنك متواجد في الولايات المتحدة الأمريكية لتشغيل الخدمة. شخصياً، استخدم TunnelBear واجده أفضل VPN مدفوع، ليس فقط للاستماع لـPandora، بل لجميع خصائص وخدمات الـVPN التي أريدها، مثل توفير الحماية والخصوصية عند تصفح الإنترنت على شبكة لا سلكية عامة في مقهى أو حتى لفتح بعض صفحات الويب المحجبة في المنطقة. ↩
- بالتأكيد، قيادة السيارة ورياضة المشي من أفضل الأنشطة التي تستطيع القيام بها مع صوت Pandora في الخلفية. ↩
- التغيرات (Skips) تمكنك من إيقاف وتجاهل الأغنية التي قام Pandora بتشغيلها لك، سواء أعجبتك ام لم تعجبك وبدأ أغنية جديدة. في الاشتراك المجاني، لن يسمح لك بتجاهل الكثير من الأغاني ويتطلب عليك إنهاء الأغنية بالكامل، حتى تبدأ أغنية جديدة ويعود السبب لهذه المحدودية لنوعية التراخيص التي تملكها الشركة والتي تضمن حق شركات إنتاج الموسيقى في تشغيل أغانيهم داخل المحطات الإذاعية بشكل عشوائي للمستخدمين وليس تحت الطلب مثل ما يمكنك منه Spotify على سبيل المثال، مع تراخيصهم الخاصة. ↩