مرّ ما يقارب عشرة أعوام منذ آخر مرة كتبت فيها سطرًا واحدًا هنا!

تعود أسباب التوقف إلى أمور عديدة، ولكن من أبرزها بدء حياتي المهنية عام 2015 في شركة أرامكو السعودية، وسط سطوة ساعات العمل الطويلة، والجهد الشاق، وما شكلته من ضغط على يوسف الذي عهدتموه… وجدتُ نفسي متكاسلًا حتى فقدتُ شغف الكتابة والرغبة في العودة إليها، وكلما حاولت، وجدتني أمام صفحة ويب بيضاء يعاني الماثل أمامها لما يعرف بـ“قفلة الكاتب”.

قبل نحو عامين، سئمت من نمط حياتي المهنية في أرامكو السعودية، وما ترتب عليه من آثار سلبية على حياتي الاجتماعية، وصعوبة مرهقة في تنظيم الوقت بين العمل والحياة الشخصية، حتى مع الاستقرار الوظيفي والمادي. ومع التغيرات العظيمة التي تشهدها مملكتنا الحبيبة، والدعم الكبير المُقدَّم للشركات التقنية الناشئة، تجرأت على اتخاذ قرارٍ مفصلي بالقفز… “إن ما نقزت الحين وأنا على مشارف الثلاثين، متى بأنقز؟”.

قفزت عائدًا إلى عالم التقنية، ولكن هذه المرة ليس كهواية، بل كمحترف، بفضل بيئة تقنية ناضجة وحاضنة، تطورت كثيرًا عمّا كانت عليه في السابق. أعمل اليوم في شركة عوائد الأصول المالية، وأشغل فيها منصب رئيس تجربة المستخدم، أركّز فيه بشكل كامل على تطوير منتج رقمي له هدف واحد: تمكين كل سعودي لم يسبق له أن استثمر أو تداول، بأن يبدأ رحلته الاستثمارية بسهولة فائقة.

ومع انخراطي في هذا المجال كمحترف، وجدت نفسي أمرّ بتجارب ومواقف ألهمتني بعشرات العناوين التي دفعتني للتساؤل: “لماذا لا أكتب مقال؟”، إلى جانب رغبتي في مشاركة الروابط والتعليقات التحليلية كما اعتدت في السابق.

الحكاية بدأت مجددًا الأسبوع الماضي، في مكتبنا وسط العاصمة، خلال اجتماع دردشة هادئ كان يضم رائد الأعمال الرائع سامي الحلوة. كنا نتناقش حول أفضل سبل توظيف الذكاء الاصطناعي في تطبيقاتنا لخدمة المستخدمين وصناعة تجربة استخدام مبهرة. وفجأة، وبكثير من الحماس، بدأ سامي بمشاركة شاشة حاسوبه، مستعرضًا محرر الأكواد الحديث Cursor وما يمكنه فعله.

عدتُ إلى المنزل منبهرًا، وربطت حاسوبي المحمول بشاشة مكتبي المنزلي، ولم أجد مشروعًا أبدأ به لاختبار قدرات Cursor والذكاء الاصطناعي سوى مدونتي القديمة. لكنني قررت إحياءها هذه المرة باستخدام Hugo بدلًا من ووردبريس المراهقة وما يمر به من دراما داخل مجتمع البرمجيات مفتوحة المصدر.

يبدو أن معرفتي البسيطة، والتي أصفها بأنها “قطرة من كل بحر” في مجالات البرمجة والتقنية، مكّنتني بمساعدة الذكاء الاصطناعي من بناء شيء لم أتمكن من إنجازه من قبل، رغم شهور وسنين من المحاولات… ما يحدث حاليًا هو أمرٌ مذهل، ولا يمكن إدراكه فعلًا حتى تراه أمامك على الشاشة؛ نحن مقبلون على حقبة زمنية مخيفة!

على كل حال، ربما تسبب غياب السنوات هذا بنسخة أنضج مني، خصوصاً بعد تجاوزي الثلاثين عام. فهذه محاولة شبه جادة للعودة إلى الكتابة و”التفلسف”، ولتنظيف الصدأ عن هواية الكتابة التي كادت أن تُنسى.